مقال للاستاذ عبد السلام ايت سعيد قانون التوثيق العدلي الفتوى‎

الدكتور عبد السلام آيت سعيد

أستاذ باحث في الحكامة التوثيقية ومقاصد الشريعة وقضايا

الأسرة وعدل موثق بدائرة محكمة الاستئناف بالرباط

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد:

المدخـــــــــــل:

بداية أن سعيد أن أتواجد مع إخواني وأخواتي في هذه المائدة المستديرة كما يطيب لي أن أتقدم بالشكر الجزيل للجمعية المغربية للعدول الشباب على هذه المبادرة القيمة تنظيما وموضوعا.

ربما ستكون مداخلتي خارج النص المألوف وعلى هامش المتن … لاعتقادي الجازم  أن مشاريع القوانين المتعلقة بمهنة التوثيق العدلي عبارة عن:

 ≠ شعوذة قانونية أو شعوذة تشريعية ≠ تشكل كارثةً يَغْرفُ السادة العدول من أحواضها عَلْقم الخيبة، ومرارةً يتقاسمُ مَذَاقَها القياداتُ المتعاقبة على السفينة المعطوبة.

*** *** *** *** *** ***                        *** *** *** *** *** ***

بعد هذا المدخل لابد من مقدمات تأسيسية وتأطيرية للموضوع  .

مقدمات تأسيسية:

المقدمة الأولى : لا خوف من المستقبل ما دمنا نؤمن بقضيتنا.

يقول مالك بني….. رحمه الله : » إن حركة التاريخ إنما تصنعها آلاف الجهود الصغيرة التي لا نلقي لها بالا. » –فما بالك بالتي نلقي لها بالا ونصنعها-

ولهذا، لا خوف من المستقبل ما دمنا « نؤمن بقضيتنا » و »نفكر فيها » و »نبدع فيها وندافع عنها » … وأن لا نستسلم « لعقيدة العبيد » التي تُبنى على قاعدة « الضرورة والخصوصية  »      فالمبادرات الجادة  هي التي تفكر في المفقود بعيدا عن « الإستثناء والضرورة وحالات الطوارئ » و »الخصوصيةوالفتوى وما جرى به العمل .. والخطوط الحمراء » التي أملتها الجَوْقةُ الرسمية وتُروج لها الأبواق، ما هي إلا ذرائع لحرمان السادة العدول من ابسط مطالبهم وحقوقهم المشروعة دستوريا ونقابيا وحقوقيا.

المقدمة الثانية : شبكات الفهم وسلم الأولويات في منظومة التفكير العدلي.

إن الذي يتأمل المنظومة الفكرية للسادة العدول، يجد المشكلة تكمن في  مرجعيات المعنى وأنماط الرؤية وشبكات الفهم وسُلم الأولويات.

بمعنى آخر: أن المنظور الفكري في القطاع المهني سلاح ذو حدين:

  • الحد الأول: (للبناء) بمعنى أن هذا المنظور قد نصنع به المعجزات ونفك به الطوق والحصار والإقصاء.
  • الحد الثاني: (للهدم) أي أن هذا التفكير قد يُوَلِّدُ العَجزَ والخواءَ، والاستسلام والتبرير والهزيمــة … ومن مظاهر هذه العقليــة        القول بتجزيء « المطالب والحقـوق » – [وحدة بوحدة ولا زربة على صْلاَح].

لهذا فأزمتنا وكوارثنا ليس مصدرها الآخرين فحسب، بل تتجسد أزمتنا أيضا بشكل خاص في « العقليات والمرجعيات والطقوس » التي تهيمن على المشهد المهني، وتتحكم في الخطاب والقرار والممارسة.

  • يقول المثل الشعبي: « الناﯖـة ما ترضع خروف » معناه: ينبغي أن نكون في مستوى التطلعات؟ ! والصمود في تحقيق المطالب والمكتسبات.

المقدمة الثالثة : العدول في قفص الفتوى

السادة العدول طيور محبوسة في قفص الفتوى

  • قابعون في مستودعات الإنتظار .
  • وفي دهاليز الأصالة والتراث.

فهم متشوفون إلى عبير الحرية والمساواة في التشريع والقانون.

 [مهنتهم لا تطيق النظر في وجه الضرائر المستفزَّات.]

إنه تهميش مُنظم ومُعقْلن .. وذكي …

لهذا، فموضوع الفتوى والمطالب المركزية يَطرح أسئلةً مُحرِجةً !! من قبيل :

هل الفتوى هي التي ترسم التوجهات الإصلاحية والتحديثية للمهن القانونية والقضائية أم المقتضيات الدستورية ومضامين الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة؟ !

 لهذا من الواضح في غياب الفهم الدقيق والعميق « لموضوع الفتوى والمطالب المفصلية للهيئة الوطنية للعدول  » التي هي :

  • التلقي الفــــــــــردي.
  • إلغاء خطاب القاضي.
  • تقليص شهود اللفيف … إلخ

سيجعل السادة العدول مرْتَبِكِين في فهم هذا المستجد الذي هو: « معضلة الفتوى وأثرها في تعديل قانون 03.16« .

وعلى هذا الأساس حينما تكون الرؤية غير مكتملة وغير واضحة ، ولم يتم تحرير محل النزاع والخلاف فإن المتوقع آنذاك هـو:

  • الاستسلام لأجوبةٍ مغلوطة ومُلتبسةٍ وحلولٍ ترقيعيـةٍ … والبحثُ عن المسوِّغات.
  • السقوط في فخ الرأي الفقهي الموهوم والملغوم، وبالتالي تهريب مطالب الهيئة الوطنية من المجال المدني الحقوقي الوضعي إلى المجال الديني الشرعي حيث الحلال والحرام والحكم لِله لقوله تعالى :

» ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون «  سورة المائدة الآية 46.

» ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون «  سورة المائدة الآية 47.

» ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون «سورة المائدة الآية 49 الحزب 12.

 مطالب الهيئة الوطنية والفتوى : أية علاقة ؟ !

تشبيك أم تفكيك-

مطالب العدول وفتوى المجلس العلمي الأعلى: ما هي دلالة الفتوى ومخرجاتها؟ !

وهل صادرت الفتوى الحقوق المطلبية للعدول؟ !

                إذن الموضوع تتجاذبه مرجعيتان :

  • إحداهما : فقهية دينية.
  • والأخرى : وضعية قانونية مدنية.
  • سنعمل قدر المستطاع على استجلاء المظاهر والخصائص المتعلقة بالمرجعيتين.
  • وما هي مرتكزات « أطروحة الوزارة » في ترجيح المرجعية الفقهية ﴿الفتوى﴾ على حساب المرجعية القانونية الحقوقية ؟ ! (المطالب).

وبالتالي الإعتراض على مطالب الهيئة الوطنية للعدول.

– بدعوى الخطوط الحمراء .

– أو كما قال السيد وزير العدل المحترم الحالي : « ما افتتت فيه الأمة، لا رد فيه« .

  • هـذه الأطروحة الجديــــدة « ما افتتت به الامة لا رد فيه » تطرح إشكالات كبرى

 Ü يجب في رأيي  تحديدُ معالِمِها وضوابِطِها داخل النسق الفقهي المالكي !!

  • والسؤال المطروح :
  • في ضوء هذه  » الأطروحة » :

هل القواعد المنظمة لخطة العدالة (كمهنة حرة) هي قواعد فقهية أم هي قواعدٌ قانونية ٌ؟ !!

¬ إذا كنا مهنة دينية ينبغي أن تنتقل الوصاية لوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية .. وبالتالي لا معنى أن تكون خطة العدالة ضمن المهن القانونية والقضائية؟ ! وهذا تناقض وتعارض.

  • السؤال الثـــاني :
  • هل الممارسة المهنية للسادة العدول توثيقا وتنظيما ورقابة تخضع لقانون 03.16 كقواعد قانونية نافذة على ما جرت به العبارة في التشريــــــــــع الوضعي ؟ ! أم هي ممارسة مهنية دينية على ضوء ما جرى به العمل في الفقه المالكي؟ !!

Ü ﴿ هذه تساؤلات مشروعة ﴾ !!

  • السؤال الثـالث :
  • هل نحن بالفعل أمام إصلاحات حقيقية ؟ ! أم هي فقط شعارات الإصلاح. أو ما أسماه عالم الاجتماع الفرنسي (بيير بورديو) :

« بطقوس الاصلاح /  ( Le cérémoniale des réformes) « 

هذه التساؤلات تنقلني إلى الحديث عن :

مباحث الفتوى وما يتعلق بخصائصها وضوابطها، ضمن رؤية مقررات المجلس العلمي الأعلى.

وفق المنهجية التالية :

  • تعريف الفتوى :
  • خصائص الفتوى وضوابطها العامة:
  • معالم السياسة الدينية الجديدة في المغرب : [المجلس العلمي الأعلى نموذجا].

خصائص الفتوى ومميزاتها وضوابطها على ضوء مقررات وتوصيات المجلس العلمي الأعلى

تعريف الفتوى

  • يعرف فضيلة الدكتور محمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى الفتوى بقوله:

« الفتوى هي الإخبار بالحكم الشرعي لا على وجه الإلزام ، وهي من الوظائف الأساسية لعلماء الشريعة يمارسها من له مؤهلاتها ».

  • وفي عرض للدكتور محمد الروݣي عضو الهيئة العلمية للإفتاء تحت عنوان :

 « الفتوى والقواعد الفقهية » ذكر عشر قواعد فقهية:

  • أولها: « أن الفتوى مُعلمة لا مُلزِمة . » ومعناها (موضِّحا): أن الفتوى إعلام بالحكم الشرعي، وإخبارٌ به من غير إلزام.
  • ثانيا: « إن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعادات. »

 خصائص الفتوى ومميزاتها وضوابطها

حاولت أن أرصد هذه الخصائص والمميزات انطلاقا من البيانات والمقررات والتوصيات التي أصدرها المجلس العلمي الأعلى سواء تعلق الأمر بدوراته أو ندواته العلمية.

كالندوة التي عقدها بمركز الندوات التابعة لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين.

في موضوع: »الفتوى بين الضوابط الشرعية والتحديات المعاصرة. »

فمن أهم  الخصائص والمميزات والضوابط التي رصدتُها في هذا السيـاق بخصوص الفتــــوى :

  • أن الفتوى مواكبة شرعية للمجتمع ، وللنوازل ،وللتحديات المعاصرة المختلفة.
  • لا معنى أن يبقى الإفتاء منحصرا في الأشكال القديمة ، دون أن يكون له حضور ومواكبة للمستجدات والتحديات المعاصرة.
  • العالِم المفتي والفقيه المفتي .. لا بد أن يكون حاضرا في مكانه وزمانه ، ومتابعا للنوازل والمستجدات.
  • تأكيد كون الفتوى معاصرة لزمانها ومكانها ولواقعها بنوازله ومستجداته في الحقول والمجالات (كلمة وزير الأوقاف في الندوة ).
  • من الأمور المهمة في الفتوى: مراعاة فقه الواقع أو تحقيق مناط الحكم حتى يكون التنزيل محققا للمقاصد الشرعية.

والإحاطة بإدراك الواقع والتعمق فيه ويعني الرجوع في كل فنٍّ إلى أهله المتخصصين في بابه ومجاله.  هل تمت استشارة السادة العدول في القضايا المطروحة ؟ ! فهم أهل التخصص في التوثيق وصناعته.

  • أن مدار الفتوى على التيسير لا التعسير، ورفع الحرج والمشقة ، والتوسط والاعتدال في الأمر كلِّهِ.
  • أن عملية الإفتاء يجب أن تكون محلية تراعي الاختيارات الوطنية وثوابت البلد.

*** *** *** *** ***       *** *** *** *** ***

الاختيارات الوطنية والمرجعية الدستورية

وثوابت البلد

   من أهم الإختيارات الوطنية المعتمدة في الفتوى ما يلي:

ويمكن تحديد « مفهوم الاختيارات الوطنية  » من النص الدستوري الذي يحدد « مرجعيات الاختيارات والتوجهات الوطنية » ومعالم المغرب الجديد .

من أهم الثوابت والاختيارات الوطنية التي ينبغي مراعاتها في الفتوى هي:

  • الملكية الدستورية.
  • التمسك بالدين الإسلامي المنفتح والمتسامح .
  • الخيار الديموقراطي.
  • حقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا.
  • اقتصاد السوق.
  • التضامن والإنفتاح على العالم.
  • تأهيل النصوص القانونية وملاءمتها لمقتضيات المعايير الدولية وإصلاح القضاء.

تأسيسا على ما تقدم، فإن من « الضوابط الأساسية » في صناعة الفتوى عند المجلس العلمي الأعلى هي: « مراعاة الاختيارات الوطنية بِنَفَسِها الدستوري« .

 

السؤال المطروح :

 هل تمت مراعـاة هذا الضـابط بخصوص :

 « مطالب الهيئة الوطنية للعدول ؟ !« 

 

Ü أنتظر الجواب وأطالب بنشر الفتوى طبقا لما ينص عليه الظهير الشريف رقم 1.03.300 صادر في 2 ربيع الأول 1425 هـ الموافق (22 أبريل 2004). الذي يتضمن ما يلي:

الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء ، هي هيئة محدثة لدى المجلس العلمي الأعلى، نص على ذلك الظهير الشريف رقم 1.03.300 الصادر في 2 ربيع الأول 1425 (22 أبريل 2004) في شأن إعادة تنظيم المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية، وتحديدا المواد 7 و8 و9 و10 من هذا الظهير؛

المادة 7:

تُحدث لدى المجلس العلمي الأعلى هيئة علمية تتكون من بين أعضائه، تختص وحدها، دون غيرها، بإصدار الفتاوى الرامية إلى بيان حكم الشريعة الإسلامية في القضايا ذات الصبغة العامة.

المادة 8:

يمكن للهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء المشار إليها في المادة السابقة، من أجل الاضطلاع بمهامها، تشكيل لجان علمية متخصصة يعهد إليها بدارسة النوازل والقضايا المعروضة على الهيئة وإنجاز تقارير في شأنها وتقديم الاستنتاجات المتعلقة بها.

ويجوز للهيئة عند الاقتضاء، أن تستعين على سبيل الاستشارة بكل شخص من ذوي الخبرة والاختصاص من غير أعضاء المجلس العلمي الأعلى.

المادة 9:

تُصدر الفتاوى عن الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء إما بطلب من رئيس المجلس العلمي الأعلى أو بناء على طلب يعرض على المجلس من لدن الكاتب العام.

ولهذا الغرض، يتعين أن يوجه كل طلب للإفتاء إلى الكاتب العام الذي يعرضه، عند الاقتضاء على المجلس العلمي الأعلى.

تتخذ الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء قراراتها بإجماع أعضائها.

ويسهر المجلس العلمي الأعلى على توثيق الأجوبة والفتاوى الفقهية الصادرة عن الهيئة في القضايا المعروضة عليها، والعمل على تدوينها ونشرها تحت إشرافه.

 أهم فتاوى المجلس العلمي الأعلى:

 فتاوى تستجيب للإكراهات الحكومية:

  • قرعة الحج.
  • فتوى المقابر.
  • فتوى نكت مجلة « نيشان ».
  • فتوى جهاز قياس الكحول لدى السائقين.

وباقي الفتاوى

2) فتاوى ذات الطابع الاجتماعي والسياسي:

  • تكفير أهل القِبْلة.
  • نبش قبر الولي الصالح سيدي السايح.
  • دخول المرأة الحائض المسجد بقصد التعليم والتعلم.
  • اتخاذ آية قرآنية شعارا لمؤسسة تجارية.
  • وضع المصحف في الفنادق.
  • فتوى الاقتراض الربوي من أجل السكن ..
  • فتوى إمامة المـــــرأة.

*** *** *** *** ***       *** *** *** *** ***

بناء على هذه النماذج من الفتاوي :

Ü  لماذا لا يُسَتأنس بمثل هذا التأسيس والمنهجية في إصدار الموقف والرأي العلمي حول مطالب العدول؟.

المادة 10:

يحدد عدد أعضاء الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء وكيفية تعيينهم وطريقة تسيير الهيئة بموجب النظام الداخلي المشار إليه في المادة الثالثة أعلاه.

*** *** *** *** ***       *** *** *** *** ***

الحق في الحصول على المعلومة والفتوى

قانون الحصول على المعلومات والفصل 27 من الدستور.       

وبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه هناك مقتضيات القانون 13.31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات. المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 12 مارس 2018 تطبيقا لأحكام الفصل 27 من الدستور الذي ينص على حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية والهيئات المكلفة بمهام المرفق العــــام.

*** *** *** *** ***       *** *** *** *** ***

خاتمــــــــــــة :

 نموذج فتوى تطبيقية.

                           نبش رفات مقبرة سيدي بلعباس بسلا وباب شالة بالرباط  

    قصد مرور الترامواي.

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *